Homeمحليات"التوجيهي الإلكتروني".. هل ينهض بالعملية التعليمية ويخفف الضغط على الطلبة وذويهم؟

“التوجيهي الإلكتروني”.. هل ينهض بالعملية التعليمية ويخفف الضغط على الطلبة وذويهم؟

في وقت أشارت فيه تصريحات لمدير إدارة الامتحانات والاختبارات في وزارة التربية والتعليم محمد شحادة، مؤخرا، إلى أن الوزارة تخطط لأن يتقدم مواليد العام 2008 لامتحان الثانوية العامة (التوجيهي) إلكترونيا عبر بنوك الأسئلة، أكد خبراء في التربية، أن هذا التوجه، إيجابي وصحيح.

وبينوا في أحاديث منفصلة لـ”الغد”، ان تطبيق هذا التوجه، يتطلب الاستعداد وتوفير بنوك أسئلة، متنوعة بين المقالية، ومحدودة الإجابات، ومفتوحة الإجابة، وموضوعية، وإعادة النظر في فلسفة بناء المناهج، ووضع نظام أمان لضمان عدم حدوث اختراقات، وتزويد القاعات الامتحانية بمولدات احتياطية لاستمرار الامتحان في حال حدوث انقطاع للتيار الكهربائي، فضلا عن تزويد القاعات بكاميرات لمنع الغش.

وأكدوا ضرورة التركيز في الفقرات الاختبارية ببنك الأسئلة على المهارات والكفايات المرتبطة بمؤشرات الأداء، والمنسجمة مع النتاجات التعليمية، لا على الحفظ والتلقين واسترجاع المعلومات فقط.
مدير ادارة الامتحانات والاختبارات بالوزارة سابقا علي حماد، قال إن التوجه الجديد للوزارة، خطوة سليمة وإيجابية، تنسجم مع الخطة التطويرية للثانوية العامة، والتي كان من المقرر انتهاء الوزارة من حوسبة امتحان “التوجيهي” العام الماضي، لكن جائحة كورونا ارجأت تطبيقها الى وقتنا الحالي.
واشار حماد الى ان الوزارة، ماضية بتطبيق الامتحان إلكترونيا، ما سيحقق آثارا ايجابية تتمثل بتخفيف العبء والضغط النفسي عن الطلبة، وتتيح لهم التقدم له اكثر من مرة في العام الدراسي، عبر جلسات تحدد مواعيدها الوزارة، محققة فيها العدالة بين الطلبة بمنحهم  الاعتماد على بنك الأسئلة الذي سيتضمن فقرات محكمة ومجربة، تحاكي جميع المستويات، وبالتالي لن يكون هناك اشكالية في ان يكون السؤال صحيحا او غير صحيح، وهذا سيسهم بالغاء او تقليل ما يثار من ملاحظات وشكاوى رسمية ومجتمعية عقب كل امتحان.
كما بين، ان مثل هذا النمط من الامتحانات، سيكون من الصعب فيه على الطالب، تنفيذ اي عملية غش، لوجود نماذج منها، ولو تكررت فيها أسئلة معينة، فإن ترتيبها سيكون مختلفا في نطاق النماذج، لافتا إلى أن الوزارة تتخذ خطوات فعلية لتطبيق الامتحان، عبر تصميم برمجية خاصة ببنك الأسئلة والامتحانات المحوسبة، وإعداد مراكز امتحانية، وقد أعدت الوزارة مركزا امتحانيا لإدارة الامتحانات، يتسع لـ500 من الطلبة.
وأوضح أن الوزارة، ستتخذ احتياطاتها كافة، لضمان سير الامتحان بسلاسة، بوضع نظام أمان وحماية، يضمن عدم حدوث اختراقات، وتزويد القاعات المركزية بمولدات احتياطية لاستمراره في حال حدوث انقطاع للتيار الكهربائي، وتزويد القاعات بكاميرات مراقبة لمنع الغش، لافتا الى إن تطويره والذهاب إلى حوسبته، خطوة مناسبة تواكب التطور العلمي والتقني في القياس والتقويم.
مدير ادارة التخطيط والبحث التربوي بالوزارة سابقا د. محمد ابو غزلة، قال ان “تطوير الامتحان وأدوات وأساليب التقييم، وباقي عناصر المنظومة التعليمية، هدفه تطوير قطاع التعليم”، مبينا أن هذا التطوير، أصبح يشغل القائمين على النظام التربوي، بخاصة بعد توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بضرورة تطوير الامتحان جذريا، بتطوير عناصر المنظومة كافة، كما أن الرؤية الاقتصادية، وبالذات في محور الابداع، تطرقت في إحدى مبادراتها لتطوير الامتحان.
واضاف، ان خطط الوزارة بعقد الامتحان إلكترونيا للطلبة من مواليد العام 2008، يصب في هذا الاتجاه، لافتا إلى أن تطوير النظام التعليمي على نحو شمولي مطلب وطني، فهو المسؤول عن تعلم الطلبة خلال الـ12 عاما الماضية، وأي إخفاق يظهر في أدائهم يرجع إلى باقي عناصره، وبالتالي يعد تطوير الامتحان أيضا مطلبا وطنيا كعنصر من هذا النظام.
وبالرغم من أن هناك سلبيات للأتمتة الامتحان، تتمثل بعدم قياسه لعمليات التعلم، واتقان المهارات، واعتماده على التخمين من بعض الطلبة (الحظ) في الإجابة، الا أن أتمتة بعضها إيجابي ولا بد منها، وقد تحدث نقلة نوعية في التعليم إذا ما خطط لها ونفذت في نطاق علمي يتوافق مع عناصر المنظومة التعليمية الأخرى، على أن يكون تطبيقها تجريبيا،  يطبق على مواد بذاتها لا على المواد كافة، نظرا لطبيعة المواد وتنوعها وأهداف العملية التعليمية، حسب ابو غزلة.
واشار الى أن عقد الامتحان إلكترونيا، سيتيح للطلبة حرية اختيار موعد التقدم له، وفي أجواء مناسبة خالية من التوتر والانفعال، وسيكون التقدم له في أوقات يشعرون فيها بأنهم مستعدون، ما يتيح فرصة التركيز على مواد يرغبون في التفوق بها، في ضوء انعقاد الامتحان على مدار عامين دراسيين حسب الخطة.
ولفت الى أن ذلك، سيخفف من الضغوط على الوزارة والأسر والطلبة وأجهزة الدولة التي تستنفر سنويا أثناء انعقاده لضبطه. هذا إذا ما كانت حلقاته كافة، مؤتمتة ومحوكمة، فعقده إلكترونيا سيقلل الجهد والوقت والكلفة للقائمين على العملية التعليمية، من وجهة نظرهم، ما سيمكنهم من تحقيق الشمولية في وضع الأسئلة لتغطية المواد بعلمية ودقة عاليتين، وبالتالي انتفاء خضوعها للتفسيرات والاجتهادات التي تقلق الطلبة وذويهم سنويا.
وأيد أبو غزلة هذا التوجه، إذ استند على أساس علمي، يجري في نطاقه تطوير شامل لمدخلات ومخرجات العملية التعليمية وعناصرها كافة، مبينا أن هناك تساؤلات تحتاج لإجابة من أصحاب الشأن، مثل: هل عقد الامتحان إلكترونيا سيحق غاياته في النظام التعليمي، بخاصة وأن محتواه الحالي تحصيلي، أي يركز على تحصيل المعارف بالحفظ والاسترجاع، وأداة للولوج للجامعات، ومعرفة مدى تحقق الأهداف التربوية والعلمية، لنتمكن من تطوير النظام وبناء الخطط التربوية والتعليمية، لقياس معارف ومهارات واتجاهات الطلبة.
وتساءل: كيف يمكننا تقويم مسار العملية التعليمة، بخاصة في مواد كاللغة العربية والإنجليزية، اللتين تتطلبان اتقان مهارات القراءة والكتابة والفهم والتحليل الحوار، فالامتحان يعتمد على تحصيل المعارف فقط، بينما تحصيلها شيء وتوظيفها وممارستها عمليا شيء آخر؟ كذلك، كيف يمكننا التوفيق بين أتمتة المواد وتحقيق الهدف الأساس من العملية التعليمية، من حيث تمكين الطلبة بذخيرة من المعلومات العلمية والمهارات والاتجاهات الكافية، لإثبات القدرة في التعليم اللاحق واستمراره فيه، بالإضافة إلى قدرته لاحقا في سوق العمل، وما يحققه من تنافسية بات العالم يشهدها، وتتطلب مهارات متقدمة.
ولفت أبو غزلة، إلى أن تطبيق هذا التوجه، يتطلب الاستعداد وتوفير متطلبات، منها: إيجاد بنوك أسئلة، متنوعة بين الأسئلة: المقالية، ومحدودة الإجابات، ومفتوحة الإجابة، والموضوعية (صح/ خطأ)، واختيار من متعدد، وأكمل الفراغ، لتمكين الطلبة من المتطلبات، وإعادة النظر في فلسفة بناء المناهج وأدوار أطراف العملية التعليمية من معلمين وطلبة، وتدريبهم، بخاصة لمن يقطنون في مناطق الأطراف، وغير المتمكنين من استخدام الأجهزة الحاسوبية، فضلا عن توفير البنى التقنية.
ورأى أبو غزلة، أن على القائمين على النظام التعليمي والامتحانات، البناء على ما جرت أتمتته في الجوانب الإدارية للعملية التعليمية، واعداد خطط مستقبلية لاستكمال تطبيق الاتمتة  في الخدمات المساندة لبناء الخطط الدراسية والدروس الموحدة عبر منصات تعليمية، والاستمرار بتسيير العمل الإداري في المدارس، كحفظ السجلات وإدارة  شؤون الطلبة، وهي التي تأخذ وقتا كبيرا من المعلمين، وصرفهم عن النشاط الرئيس وهو التعليم.
كما دعا الوزارة للبدء باستخدام الفصول الدراسية الافتراضية، للوصول الى الطلبة في الأماكن النائية، لتحقيق العدالة التعليمية، وإيجاد أدوات لمتابعة تقدمهم، متمنيا الا يكون تصريح الوزارة واعلانها عن عقده إلكترونيا، سببه مشاكل رافقت الامتحان الأخير، بخاصة وأنه جرى الإعلان عن بدء التطبيق قريبا جدا، إذ قد لا يمكن للوزارة الايفاء بمتطلبات ذلك.
وشاركهم الرأي الخبير التربوي عايش النوايسة الذي قال، إن الوزارة بدأت مشروعا طموحا ومتكاملا لتطوير التعليم، وركزت على تطوير الامتحان الذي يشكل بصورته الحالية، عبئا على الوزارة والطلبة واولياء الأمور ومؤسسات المجتمع كافة.
واضاف النوايسة، ان التطوير ركز على تبني أفضل الممارسات العالمية، لذا اعتبارا من العام الدراسي المقبل، سيكون امتحان “التوجيهي” على مدى عامين، الأول سيكون مشتركاً بين الطلبة كافة في 4 مباحث، ويليه الامتحان العام، وسيكون تخصصيا، بحيث يختار الطالب مسبقاً مساره الجامعي، ومن هنا يحدد مدى ملاءمة التخصص لمهاراته وقدراته.
واشار الى أن هذا التطوير، بات ملحا في وقتنا، بخاصة وان الامتحان بشكله السابق، يتسبب بقلق وجهد وتكلفة مادية كبيرة للوزارة والمجتمع، لذا جاءت الوزارة وبالتعاون مع المركز الوطني للمناهج، بمشروع طموح ستنفذه على أرض الواقع تحت مسمى بنك الأسئلة، لأتمتة تقييم الطلبة وتوفير الوقت والجهد والمال، وتخفيف الضغط المجتمعي على الوزارة، والتركيز على التقييم المبني على الكفايات المرتبطة بالتخصص.
الى جانب ذلك، فإن النمط المقبل من الامتحان، سيحقق العدالة بين الطلبة عبر تزويدهم باختبارات متكافئة، تعتمد على تحويل الامتحانات من الصورة الورقية إلى الإلكترونية، وبثها وبنائها بالاعتماد على الخصائص الإحصائية، بعيداً عن الطرق التقليدية التي تتدخل فيها أحياناً مزاجية واضع الأسئلة، ما يسبب إرباكاً للطلبة، بحسب النوايسة.
ولفت الى ان هناك فائدة كبيرة لبنك الأسئلة، لانه يحقق هدف الوزارة والمركز الوطني للمناهج الذي يركز على تطوير مؤشرات الأداء الرئيسة للمناهج، واجراءات التقييم والتقويم، مع التركيز على النتاجات التعليمية للطلبة لكل مرحلة دراسية، والتي سيجري بناء الفقرات الاختبارية للبنك بموجبها، وبالتالي يسود نمط التقييم المعتمد على النتاجات التعليمية.
ولعل الهم الأكبر لدى الجميع، بحسب النوايسة، هو التحول في شكل امتحان “التوجيهي”  الحالي الذي يربك الجميع ويجرى في فترة محددة من العام الدراسي، إلى شكل جديد يتيح للطلبة الذين لم يحققوا النجاح فيه خلال المرة الاولى، التقدم له مرة أو مرات في العام على غرار ما يجري في دول متقدمة من ممارسات تعليمية وتقويمية.
وأكد النوايسة، ضرورة أن تركز الفقرات الاختبارية في بنك الأسئلة على المهارات والكفايات المرتبطة بمؤشرات الأداء، والمنسجمة مع النتاجات التعليمية، لا على الحفظ والتلقين واسترجاع المعلومات فقط.
وقد حاولت “الغد” التواصل مع وزارة التربية والتعليم حول هذا الموضوع، لكن لم يتسن لها الحصول على رد رسمي.

ذات صلـــــة

الأحدث

الأكثر مشاركة

47% من الأطفال في الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا يلعبون ألعاباً حاسوبية غير مناسبة لأعمارهم

وفقاً لاستطلاع رأي حديث من كاسبرسكي، يرى نصف الأهالي المشاركين (47%) في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا  أن أطفالهم يلعبون ألعاباً غير مناسبة لسنهم....